هل هي حرب أوكرانية؟ أم حرب روسية-تركية؟. ما اللعبة التي تُحاك في البحر الأسود؟ - إبراهيم قراغول
GAZETE YAZARI

هل هي حرب أوكرانية؟ أم حرب روسية-تركية؟. ما اللعبة التي تُحاك في البحر الأسود؟

26 January 2022, 09.30
إبراهيم قراغول

إبراهيم قراغول

واجهت تركيا حروبًا في الجنوب، وفي الشرق، والغرب. والآن حرب جديدة تشن في الشمال، بجانبنا مباشرة. إن المواجهات الحادة بين الشرق والغرب، وبين الولايات المتحدة الأمريكية -أوروبا وروسيا، ستؤدي إلى جر دولة أخرى إلى الحرب، وربما إلى الاحتلال.

إن الأزمة الأوكرانية لا تتعلق فقط بالصراع الأوكراني الروسي. ولا تقتصر على رغبة روسيا في الغزو، وجهود الدفاع عن النفس التي تبذلها أوكرانيا. بل إنها جزء من صراعات قوة دائمة ومستمرة على نطاق أوسع وأكبر.

أوكرانيا جبهة الشرق والغرب

أوكرانيا هي جبهة كل من الشرق والغرب. وهذا يشير إلى أن التضحية بهذا البلد وشعبه ستتم بطريقة مؤسفة للغاية. تحاول روسيا، التي غزت شبه جزيرة القرم وقطعت المنطقة الشرقية من أوكرانيا، تعزيز مكانتها في البحر الأسود وأوروبا الشرقية.

وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية والغرب تأمين سلامتهما على حساب مصير ومستقبل الآخرين. ومن أجل "التهديد القادم من الشرق" يستخدمان أوكرانيا كخط جبهة أمامي.

وقد استخدموا تركيا كـ "دولة جبهة" لسنوات. هذا هو أسلوب الغرب الذي لا يتغير. إنهم ينظرون إلى أوكرانيا بنفس الطريقة. إنها مجرد جبهة.

الخوف من روسيا-الصين

الخوف من تركيا

لتخسر أوكرانيا، هذا ليس مهم بالنسبة لهم. سيشكلون جبهة فوق منطقة أخرى وشعب آخر.لأن الأمر بالنسبة للغرب أن كل شعب له قيمة لديهم بقدر ما يخدم مصالحهم الخاصة.

لقد تضررت خطط الناتو والولايات المتحدة الأمريكية في تطويق روسيا والصين بشكل كبير. والغريب أن الولايات المتحدة وأوروبا بدأتا في تطبيق استراتيجية "التطويق" هذه على تركيا أيضًا.

بحجم الخوف من روسيا والصين، أصبح الخوف من تركيا ملموسًا، وحولت تركيا ذلك إلى فرصة للانفتاح وتوسيع للنفوذ.

صدمة كبيرة: السقوط من أجنحة الطائرة

لا شك أن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان تسبب فى حدوث صدمة كبيرة في آسيا وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط. لقد أدركت البلدان والشعوب أن الوقوف بجانب الغرب والثقة به يعني السقوط من أجنحة الطائرة. وربما تكون هذه الحقيقة أكبر خسارة للغرب في القرن الحادي والعشرين.

ويجري الآن تنفيذ سيناريو مماثل في أوكرانيا. تعمل الولايات المتحدة وأوروبا على تحريك جميع دول الجبهة ضد روسيا. ومن ناحية أخرى، فإن روسيا تستغل عجز الغرب وانعدام ثقته على أكمل نطاق. و تقوم بتنفيذ خريطة انتشار جديدة.

روسيا ستقسم أوكرانيا

الغرب سيترك "كييف" وحدها

روسيا لا تحتل أوكرانيا. هي تضمن احتلال شبه جزيرة القرم. وتذهب لفرض سيطرتها الكاملة شرق البلاد. إنها تقسم أوكرانيا. إن الغرب لن يحمي أوكرانيا من روسيا مهما كلف الثمن. يدعم أوكرانيا إلى حد ما، ثم يتركها لوحدها.

إنه لا ينتظر احتلال أوكرانيا. بل ينتظر تدخلًا بالمعنى الضيق، وبالفعل هذا الأمر قد صرح به الرئيس الأمريكي "جو بايدن" نفسه.

بخلاف الدعم العسكري لأوكرانيا، فإن خطة الغرب الوحيدة تتمثل عبر تشكيل مجموعات مقاومة، في كل أوكرانيا أو أجزاء منها، ضد الغزو الروسي. إنها الخطة الوحيدة لديهم. وهذا يعني تدمير أوكرانيا.

الحرب في أوكرانيا تعني الحرب في البحر الأسود

ستكون هذه الحرب واسعة النطاق وستحمل عواقب خطيرة . الحرب في أوكرانيا تعني الحرب في البحر الأسود. وهذا يعني تحويل البحر الأسود إلى شرق البحر الأبيض المتوسط.

بعد أن تستقر الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في البحر الأسود وتبسط هيمنتها بشكل كامل ، فلن يخرجا أبدًا من هناك مرة أخرى. لا يمكن لأي بلد دخلته الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أن يحافظ على استقراره لفترة طويلة.

إن هذا الوضع لن يكون مريحًا بالنسبة لروسيا على المدى القصير. ويبدو أنه سيصب لصالح تركيا. ولكن يمكن أن يصبح ذلك سببًا في دمار تركيا على المدى المتوسط والطويل. مثل هذا الوضع في البحر الأسود سيكون خطيرًا جدًا على تركيا.

هل سيشكل الغرب جبهة تركية في البحر الأسود؟

هذه هي حسابات الغرب، يسعى لتحقيق أهدافه في محاصرة تركيا، كما فعل مع الصين وروسيا. وبعد ما قام بفعل ذلك في سوريا والعراق، وبعد ما تم القيام به في شرق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة، فإنه سيقوم بفتح "جبهة تركية" في البحر الأسود.

ستؤثر هذه الحرب على جميع البلدان المحيطة بالبحر الأسود. من مولدوفا إلى رومانيا، ومن بلغاريا إلى جورجيا. ويتعين على كل بلد أن يكون طرفًا في الحرب بين الشرق والغرب بطريقة أو بأخرى.

إن تركيا مركز جميع العقد، أصبحت قوة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهي حليفة للغرب، وتتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا، وقريبة جدًا من أوكرانيا، وقوة صاعدة على نطاق جغرافي وعالمي.

هل هناك تجهيز لنشوب حرب روسية تركية؟

إذًا ستصبح تركيا مركز الحرب الأوكرانية.

دعونا نتذكر، عندما بدأت الحرب السورية، كان الهدف الأول للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا هو نشوب حرب تركية روسية. وبالفعل قاما بتجريب أشياء كثيرة لهذا الغرض، مثل إسقاط الطائرات واستفزازات منظمة بي كا كا-تنظيم غولن. ولو نجحت محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو/تموز لكانت هذه الحرب قد نشبت.

والآن يتم تجريب نفس الشيء مرة أخرى. لا يمكن لأوكرانيا أن توقف روسيا. ولكن تركيا توقفها. هذه هي حساباتهم، ويتم العمل وفقًا لذلك. وإذا نجحوا، فإن الحرب التركية الروسية تصبح حتمية. وهذا يعني تدمير البلدين. فقط الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا سيكونان رابحين.

نحن نواجه نوع جديد من نماذج الحرب القرمية.

ماذا تستطيع أن تفعل تركيا؟

تستعد رومانيا لاستقبال اللاجئين القادمين من أوكرانيا. وروسيا جلبت مئات الجسور المتنقلة إلى الحدود الأوكرانية. كما تستعد الولايات المتحدة الأمريكية لإرسال 50 ألف جندي إلى الدول المجاورة لأوكرانيا.

عشرات الآلاف من القوات الروسية على الحدود الأوكرانية. ويبدو أن كلا الجانبين مصممان الدخول في طريق الحرب.

وبالنسبة لتركيا، ينبغي أن يكون الهدف تخفيف حدة الأزمة مهما حدث. وبغض النظر عما سيحدث، يجب تجنب هذه الحرب.

ومهما يحدث، لا ينبغي للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا أن تستقرا في البحر الأسود. وبغض النظر عما سيحدث، يجب الحفاظ على التقارب بين تركيا وروسيا. كما يجب دعم والدفاع عن وحدة أوكرانيا.

لأننا لسنا بلد جبهة لدى الشرق أو الغرب

أوكرانيا بلد مظلوم. شعبها مظلوم. ويجب الاهتمام بها من كافة النواحي. ولكن هذا الاهتمام لا ينبغي أن يكون بطريقة تجرهم إلى نار الجحيم.

إنها معادلة صعبة للغاية. تركيا "قوة" خرجت منذ فترة طويلة من نطاق "مع هذا الطرف أو ذاك الطرف". وعلى الرغم من كل التعقيدات، يجب إعداد اللعبة بالتطلع إلى المستقبل، وليس إلى الحاضر.

أؤمن أن العقل السياسي لتركيا سينجح في تحقيق ذلك وسيكون فعالًا للغاية. والعقل الذي تمكن من دخول القرن الحادي والعشرين كلاعب قوي سيتغلب على ذلك.

لأننا لسنا بلد جبهة لدى الشرق أو الغرب. هذا ما تخبرنا به قراءتنا للجغرافية الخاصة بنا!

إن يد الغرب ضعيفة، ولكن عقله لا يزال يهدف إلى تقويض وإضعاف القوتين العظميين. ويجري العمل على إعداد مخطط لوضع تركيا بمواجهة روسيا.

SON DAKİKA

#title#